| 0 التعليقات ]

لا حدود على الأرض ترسمها


غير صورتها مثلما وقُرتْ في الفؤادْ

متألقة في القتال

وناصعة في السوادْ


وتقاتل دون سلاح

وتغلب أعداءها بالعنادْ

وتؤبّن أبناءها بالقصائد

تدفنهم بالزغاريد

تعلن أعراسها في الحدادْ

وترفع صورتها مثل V

مع صورة كل شهيدْ

وتطل بكوفية وعقال

وعينان ثاقبتان وراء الحدودْ

مصحف في حزام المسدس

يضرب حيث يشاء

ويقذف بالرعب قلب الجنودْ

تلك صورتها…

عند أحبابها في الخلودْ



***

تلك صورتها

لا يراها المصور حين “يسجل أحداث غزة”

تشغله المروحية وهي تطارد “ناشط غزة”

فهو يصوّب حيث تصوّب

يضغط من حيث تضغط

ثم يصوّر قائدها إذ يلوّح مبتسما للجماهير

من شاشة في الرياح



صورة …

يتجنّبها مخرج التلفزيون

وهو ينسّق باقة “ورد الصباحْ”

يزدريها “مسيلمة” وهو يعطي إشارته “لسجاحْ”

لا يراها المحلّل وهو يرتّب ربطته

ويعدّل بحته

ليخاطب جمهوره من وراء القمرْ

تلك آيتها في الصورْ



يتجنّبها المشرفونْ

يتجنّبها المعلنونْ

لا تناسب جمهور أحلامهم

لا تناسب شاشة هاتفهم

وتطل…

فتستدرج الناس من حيث لا يعلمونْ

تلك آيتها في السورْ



***



يعرف القلب أحبابه

فبلا ضجة يصلون

وعلى عجل يرحلون

يعرفون الطريق إلى كل قلب

وأحبابهم عنهُمُُُ غافلون

يدخلون إلى القلب دون سلام

ويمضون دون كلام

يتركون حريقا بحجم الفراغ

الذي يشعلون



***



يصلون على عجل ثم يمضون

لم يجدوا حيزا في التراب

ولا حيزا في الكلام

ولم يجدوا فسحة ليقولوا “سلامْ”



***





وجدوا الحرب شاملة

وجدوا الحرب ماثلة في بياض الحليب

وفي لفتات الضيوف

وفي السقف إذ يتحرك ثانية

في حمام يطير بلا سبب

ويحط على طرف المهد

ينقر قمحا تأجّل في أعين الناس

لا غصن يحمله للسفينة

جرّافة تتقدم في الحقل

يفترق الناس

ريش يحط على المهد



طار الحمام على عجل



***

فاجأته زغاريد الشهادهْ

في زغاريد الولادهْ



***



قال قائلها:

“منذ أرسلنا سيد الماء “نوح” إلى اليابسه

لم نرَ مثلهم بشرا

يصلون على عجل ثم يمضون

لا يعرفون اللغات

ولا يشربون حليب التذلّل

لا يجلسون ولا يقعدون

ولكن قاماتهم عاليهْ

غزة ولدت في الأعالي

وفي القلب تدفنهم غزة الثانيهْ”



***



“تلك آيتهم:

بشر مثلكم

يحلمون كما تحلمون

يألمون كما تألمون

ولكنّ أكثرهم في المقابر أو في المهاجر

أو في المخيّم أو في السجونْ”



***

وجدوا الحرب في صنبر الماء

في زرة الكهرباء

وفي المدفأهْ

وجدوا الحرب تأخذ شكل امرأهْ

مثل كل نساء المخيم

تلبس نظارتين

وتنهض في الليل

تمضي إلى السوق

تدخل كيس الدقيق

وكيس الحليب

وتأتي على ظهر دبابة

تتجوّل في الطرقات

وتعلن عن نفسها في الإذاعة والتلفزيون

تبحث عمن سيشعلها:

الحكومات لا تجتمعْ

والمعارك لا تندلعْ

والجيوش على جبهات الشوارع

تحصي المكاسب كل الجُمَعْْ:

الأجور مجمّدة في بنوك الأجانب

ماسورة البندقيّة مائلة

والرصاصة تخطئ وجهتها منذ ستين عاما

“كلّما مرّ أعداؤنا في الحديقة كنا نياما

فسلمنا…

ومرّوا كراما”



***



منذ ستين عام

لم يمرّ على حافة البئر طير

ولا مرّ في صورة الماء طيف غزال

منذ ستين عام

تتجافى القوافل عن بئر يوسف

ذات اليمين وذات الشمال

منذ ستين عام

سار تدبير أخوته ملثما رسموه

وضيّعت العير وجهتها

فاستعانت “بخارطة للطريق”

وفي العير هرول أخوة يوسف

باعوا قميص أخيهم

وباعوا دموع أبيهم

وحاشوا بضاعتهم من لصوص القوافل والسابلهْ

وفي آخر العير شيخ يعطّل فرض القتال

ويشتدّ في النافلهْ

والصبيّ يذوق الشهادة في المهد

منتفضا في يد القابله



***



عاشور فني

الجزائر


0 التعليقات

إرسال تعليق